الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
تفسير آيات النكاح من سورة النور
23819 مشاهدة
شرك المحبة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن .. أما بعد:
قال المؤلف رحمه الله باب قول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وقوله: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ .
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين أخرجاه.
ولهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار وفي رواية: لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى إلى آخره .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك. وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئا. رواه ابن جرير .
وقال ابن عباس في قوله تعالى: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ قال: المودة.


هذا الباب يتعلق بالشرك في المحبة، وبيان أن المحبة عبادة، ويراد بها المحبة القلبية، وأنها لا يجوز أن يشرك فيها مع الله غيره.
جعل الباب على هذه الآية الكريمة في سورة البقرة، وقد ذكر الآية أيضًا كدليل على تفسير التوحيد في الأبواب المتقدمة في أول الكتاب.
فقول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ يقول المؤلف في المسائل في أول الكتاب: فدل على أنهم يحبون الله حبًا شديدًا ولم يدخلهم في الإسلام، فكيف بمن أحبهم أقوى أو أكثر من حب الله؟! فكيف بمن أحب الند وحده ولم يحب الله؟!
أخبر تعالى عن هؤلاء أنهم يحبون أندادهم كحبهم لله يحبون أندادًا: يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ؛ أي يحبونهم كحبهم لله أي حبهم لله وحبهم للأنداد على حد سواء.
فجعلهم الله تعالى مشركين، وسماهم أندادًا، والأنداد هو الشرك، قال الله تعالى في أول سورة البقرة: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي لا تجعلوا له ندًا. الند هو الشبيه والمثيل.
فإذا اتخذوا أندادًا في المحبة فقد أشركوا، وإذا اتخذوا أندادًا في التعظيم فقد أشركوا، وإذا اتخذوا أندادًا في التقرب إليهم فقد أشركوا، ولكن هذه الآية فيها التنديد في المحبة: أي لا تجعلوا لله ندًا في المحبة، بل اجعلوا محبتكم لله تعالى وحده؛ أي المحبة القلبية، ولا تصرفوا منها شيئًا لمخلوق فتعظمونه كما تعظمون الله، وذلك بلا شك مما يجعلكم مشركين قد جعلتم لله أندادًا في المحبة.
ثم قوله تعالى: يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّه قيل المراد: يحبونهم كحبهم لله؛ أي حبهم لله وحبهم للأنداد على حد سواء، وقيل: يحبون الأنداد كالحب الذي يجب لله؛ أي يصرفون المحبة للأنداد وهي حق الله، فالواجب عليهم أن يحبوا الله تعالى ولكن صرفوا محبتهم لتلك الأنداد؛ أي كالحب الذي يجب أن يصرفوه ويجعلوه لله تعالى.
قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ؛ أي أن المؤمنين أشد حبًا لله من هؤلاء، قيل: المراد أشد حبًا لله من المنددين لأندادهم؛ وذلك لأن المؤمنين يحبون الله تعالى لأنه معبودهم وربهم، وهؤلاء يحبون الأنداد لأنها في زعمهم تنفعهم، ولاشك أن محبة الله الذي هو ربنا وخالقنا والذي هو المعطي والمانع أقوى عند أهل الإيمان الصادق من محبة هؤلاء لأندادهم.
وقيل: إن المراد أشد حبًا لله من هؤلاء لله؛ لأنهم يحبون الله، ومحبة المؤمنين لله أقوى من محبتهم لله؛ وذلك لأن محبة المؤمنين خالصة ليس معها شيء يخالطها، وأما محبة أهل الأنداد فإنها مشتركة؛ لأن أندادهم قد أخذت جزءا منها، والمحبة الخالصة أقوى من المحبة المشتركة.
فالحاصل أن في هذا دليل على أن الله تعالى هو الذي يجب على المؤمنين أن يحبوه بكل قلوبهم، وألا يصرفوا شيئًا من المحبة لغيره المحبة القلبية المحبة السرية.
معلوم أن الإنسان قد يحب من أحسن إليه ولكن لا يصل به ذلك الحب إلى أن يصرف له حق الله تعالى من التعظيم والاحترام والعبادة والتذلل وما أشبه ذلك.